تواجه الجاليات العربيّة واللاجئين الفلسطينيين في الشتات والأشخاص المتضامنين مع القضيّة الفلسطينية، في أوروبا مجموعة من الإجراءات والسياسات الحكومية الهادفة للتضييق عليهم، حيث تشكّل القضيّةُ الفلسطينية نقطةَ التقاءٍ سياسية كبيرة لمعظم العرب في القارة الأوروبية، بينما يستمر قمع التضامن مع فلسطين من قبل السياسات الأوروبية، في دعمٍ للاحتلال وبدعمٍ من اللوبي الإسرائيلي في هذه الدول.
ألمانيا
نشرت السلطاتُ الألمانية في شهر مايو الماضي، 900 شرطي من أجل مواجهة المظاهرات التضامنية مع فلسطين في ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948، حيث قمعت هذه القوات المتظاهرين بشكلٍ عنيف، واعتقلت العديد منهم.
كما تم منع مظاهرة أخرى للتضامن مع فلسطين في فرانكفورت، بدعوى أنها “تشكّل خطرًا على السلامة العامة” بعد مطالبةٍ من “الجالية اليهوديّة” في المدينة الألمانية، ومفوّض مكافحةِ معاداة الساميّة في ولاية هيسن، وقد تم وصم التظاهرات التضامنية مع فلسطين بأنها معاديةٌ للسامية من قبل العديد من السياسيين الألمان من معظم الأحزاب في ألمانيا.
فرنسا
انطلقت في فرنسا هجمة على العديد من المؤسسات والمجموعات الإسلامية والعربية، من بينها العديد من المؤسسات والجمعيات الداعمة للقضية الفلسطينية، فقد حاولت السلطات الفرنسية ربطَ قتلِ مدرسٍ فرنسي أكتوبر الماضي بمؤيدي القضية الفلسطينية، وقد ربطته بجمعية تُدعى “جمعية أحمد ياسين”.
وأثر الحادثة أطلقت الشرطة الفرنسية حملةً أمنيةً ضدَّ عشرات الأفراد المرتبطين بالجمعيات الإسلامية، بينما قررت وزارة الداخلية طرد231 أجنبيًّا؛ مدرجين على قائمة المراقبة.
النمسا
أعقاب اعتداء فينّا، الذي نفذه نمساويٌّ مسلمٌ من أصولٍ مقدونيةٍ في نوفمبر 2020؛ أعلنت الحكومة النمساوية عن عملياتٍ أمنية بعد اعتداءٍ تم تنفيذه في فيينا عام 20202، حيث استهدفت جمعياتٍ رسمية، ولاحقت الشبان واعتقلتهم وحققت معهم، وقد تركزت التحقيقات في ذلك الوقت على المواقف من الاحتلال الإسرائيلي، ومدى الدعم للشعب الفلسطيني ونضاله وحقوقه.
التعاطف مع النضال الفلسطيني، وحتى مع شخصياتٍ ربطتها علاقاتٌ جيدةٌ بالحكومات النمساوية، مثل: الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ، كان موضعًا للاستجواب، في الحملة التي قادها وزير الداخلية كارل نيهامر، ومستشار البلاد اليميني سيباستيان كورتز، وعدّتها السلطات أنها حملةٌ ضدُّ “الإرهاب الإسلاموي”.
وخلال عدوان الاحتلال الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، في مايو 2021، منعت النمسا العديدَ من الفعاليات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني المنددة بالعدوان، كما رفعت مقارٌّ حكوميةٌ نمساويةٌ أعلامَ الاحتلال.
تحاول الحكومات الأوروبية الخلط بين اتّهام من ينتقد الكيان الاحتلال الإسرائيلي وبما تُسمى “اللاسامية والإرهاب”، حيث تم إغلاق المؤسسات واستجواب الأفراد، وحظر أنشطةٍ تضامنيةٍ مع فلسطين، وترافق ذلك مع تضامنٍ حكوميٍّ وحزبيٍّ مع الاحتلال الإسرائيلي.
وتستمر هذه الحكومات والسياسات الأوروبية بما تسعى إليه من حظر التضامن مع فلسطين، أو انتقاد الاحتلال الإسرائيلي وسياساته، وهي سياسات قد تكون غيرَ معلنةٍ، كأهدافٍ لهذه الحملات رسميًّا، لكنها تسعى بشكل مستمر إلى إحجام هذا التضامن ووقفه، والعمل على ملاحقته، تحت ضغوطات اللوبي الإسرائيلي وجماعات الضغط اليهودية.