غير مصنف

صديق المطبعين.. يحوّل الأفراح الفلسطينية إلى جنائز!

لم تكن الطفلة حنين ذات الـ11 ربيعا تعلم أنها تسارع الخطوات إلى النهاية، تركض إلى جدتها متمنية أن تكون ضمن من سيذهب ليأتي بالعروس ذات الثوب الأبيض التي تقطن على بعد مئات الأمتار من بيت العريس.
بعد إصرار من حنين “حبيبة جدتها” نعامة طلبة أبو قايدة (62 عاماً) التي كانت ترتدي ثوبها المطرز وبدت بكامل زينتها كأم عريس، تقفز حنين لـ “سيارة العروس”.
واحتراما لدماء الشهداء في اليوم الثاني للعدوان على قطاع غزة، يقرر ذوو العريس أكرم أبو قايدة الذين يقطنون في محيط منطقة الجمارك شمال بلدة بيت حانون، إتمام الزفاف بصمت ودون أي مظاهر احتفالية.
وتوجه والد ووالدة العريس بسيارة من نوع “جيب” لمنزل ذوي العروسة من عائلة أبو كتيفة الذي لا يبعد سوى مئات الأمتار عن منزل والد العريس من أجل إتمام الزفاف.
لكن بعد ثوانٍ من توقف المركبة والتفاف الأطفال والنساء حولها، استطاع والد العريس النزول ومغادرتها، وهمت الجدة بالنزول، إلا أن انفجارين دويا بقوة تلاه اشتعال النار في المركبة مما أثار الرعب والخوف في المكان.
“ما الذي حدث .. لا أحد يجيب سوى صوت صراخ الأطفال والنساء المختلط بالأنين .. ينقشع الدخان وتتكشف صور المجزرة ..هنا أشلاء للشهيدة الجدة “نعامة” مختلطة بثوبها الفلسطيني وبباقات الورود التي حملتها، تسقط حنين وتعلو الصرخات بشدة ..تحول الزفاف إلى عزاء وبكاء.
ومنع الاحتلال إتمام هذا الزفاف بصاروخين من طائراته باتجاه “سيارة العروس” لتتحول فرحة عائلة أبو قايدة بزفاف نجلهم إلى عزاء، فاستبدلت رائحة العطور والورود برائحة البارود، وامتزجت أوراق الورود التي حملتها الشهيدة الجدة لتهنئة ابنها العريس، بدمائها وأشلائها وسط الصرخات.
وارتقت الجدة شهيدة، وأصيب في القصف أربعة مواطنين آخرين، بينهم الطفلة حنين والطفل محمد أبو كتيفة (10 أعوام) بجروح خطيرة جداً وهو شقيق العروس، واشتعلت النار في السيارة واحترقت أشتال الورود وزينة العروسين واستبدلت فرحة العائلة بزفاف الابن بحزن وحسرة على فقدان الأم.
ونجح الاحتلال بقتل الأطفال والنساء زاعماً عبر إعلامه الكاذب، وعبر إعلام دول التطبيع، المطبل والذباب الإلكتروني، أنه استهدف خلية للمقاومة، فيما نقلت حنين وبقية الجرحى للمشفى.
نزفت حنين ليومين متتاليين، وارتقت يوم الاثنين، شهيدة تشتكي لله ظلم وقهر الاحتلال وتخاذل ذوي القربى، ولم يتبق من ذكراها سوى بعض النظرات والكلمات التي كانت توزعها بخوف وترقب في المستشفى باحثة عن وجه والديها وجدتها.
وزفت حنين بالرداء الأبيض والعلم الفلسطيني بين أحضان جدها، وهو يقول “ما ذنبها وذنب جدتها وذنب بقية الأطفال.. هل هؤلاء هم بنك أهداف إسرائيل وهل هذه مؤشرات الانتصار لديهم.. والله سأشتكيهم وسأقاضيهم بالدنيا والآخرة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى