اعترف مسؤول كبير في جيش الاحتلال “الإسرائيلي”، بأن ثمة احتمالا كبيرا جدا -حسب قوله- أن تكون الزميلة الصحفية في قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة قُتلت برصاص أطلقه جندي عن طريق الخطأ، في حين دانت شبكة الجزيرة نتائج هذا التحقيق الإسرائيلي، وعدّته محاولة للتملص من ملاحقة الجناة، كما رفضته أيضا عائلة الشهيدة مطالبة بإجراء “تحقيق شامل من قبل المحكمة الجنائية الدولية”.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي -في إحاطة مغلقة للصحفيين الأجانب عن النتائج النهائية للتحقيقات التي أجراها بشأن اغتيال شيرين خلال تغطيتها عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم جنين- إن “هناك احتمالا أكبر بأن تكون أبو عاقلة أصيبت عن طريق الخطأ بنيران جندي إسرائيلي كان يستهدف مشتبها فيهم من المسلحين الفلسطينيين، ولم يتعرف عليها بصفتها صحفية”.
الجندي يتأسف!
وعبّر الضابط عن “أسف” الجندي الذي أطلق النار على أبو عاقلة، وقال “أنا آسف لذلك أيضا”، واستدرك أن الجندي “لم يفعل ذلك عن قصد، هذا واضح تماما”.
وكرر المسؤول العسكري الرواية السابقة بشأن وقوع اشتباكات مسلحة في الموقع، ووجود مسلحين فلسطينيين قاموا بإطلاق النار وعبوات ناسفة باتجاه الجنود من مواقع مختلفة.
وأبقى الجيش على روايته السابقة بأنه لا يمكن الجزم بشكل قاطع بشأن مصدر إطلاق النار، وقد تكون شيرين قُتلت برصاص المسلحين، حيث تم تحديد الموقع الذي أطلقت منه النيران لكن بالإضافة إلى العربات العسكرية وُجد أيضا مسلحون فلسطينيون، بحسب ادعائه.
لا شبهة جنائية!
وأكد المسؤول العسكري أن النيابة العسكرية لم تجد بعد اطلاعها على مواد التحقيق أي اشتباه في ارتكاب مخالفة جنائية يبرر فتح تحقيق جنائي لدى الشرطة العسكرية.
من جهته، وصف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي اغتيال أبو عاقلة بأنه “حدث مؤسف”، وبرر الأمر بتواجدها “في ذروة معركة” كان خلالها يتم تبادل إطلاق نار بشكل مكثف بين مسلحين فلسطينيين وجنود الاحتلال.
وقال موقع أكسيوس الأميركي الإخباري -نقلا عمن وصفهم بمسؤولين إسرائيليين كبار- إن إسرائيل أبلغت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مسبقًا بالاستنتاجات، وأوضح أن السفير الإسرائيلي في واشنطن مايك هرتسوغ أطلع أمس الأحد مسؤولي وزارة الخارجية على نتائج التحقيق، في حين أطلعت وزارة حرب الاحتلال السفير الأميركي لدى إسرائيل توم نيدز.
الجزيرة تدين وتستنكر
بدورها، استنكرت شبكة الجزيرة الإعلامية عدم اعتراف جيش الاحتلال الإسرائيلي الصريح بمسؤوليته عن اغتيال شيرين أبو عاقلة، ومحاولته التملص من ملاحقة الجناة، وطالبت بأن تتولى جهة دولية مستقلة التحقيق في جريمة اغتيال أبو عاقلة؛ “لإقرار العدالة لشيرين وعائلتها وزملائها الصحافيين في أنحاء العالم”.
وقالت إنها إذ تدين نتائج هذا التحقيق، تؤكد أن الاعتراف الضمني المتردد من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي يراد به التنصل من المسؤولية الجنائية التي يتحملها عن قتل أبو عاقلة، والتي أثبتتها تحقيقات دولية ومهنية عدة.
وجددت الجزيرة دعمها ومساندتها لعائلة شيرين وزملائها، وطالبت المؤسسات الإعلامية والهيئات الداعمة لحرية الصحافة بمواصلة العمل على كل المسارات المتاحة حتى ينال المسؤولون عن هذه الجريمة جزاءهم القانوني.
عائلة شيرين ترفض النتائج
من جهتها، رفضت عائلة الزميلة شيرين أبو عاقلة -في بيان- نتائج التحقيق الإسرائيلي، وقالت “لم نتفاجأ برفض إسرائيل تحمل مسؤولياتها عن اغتيال شيرين، وهذا يؤكد أن مجرمي الحرب الإسرائيليين لا يمكنهم التحقيق في جرائمهم”.
وقالت إن الحكومة والجيش الإسرائيليين “أصدرا اليوم بيانا حاولا فيه التعتيم على الحقيقة وتجنب المسؤولية عن مقتل شيرين أبو عاقلة، عمتنا، وشقيقتنا، وأفضل صديقة، والصحفية، والأميركية الفلسطينية”.
وأضافت “عرفنا منذ أكثر من 4 أشهر أن جنديا إسرائيليا أطلق النار على شيرين وقتلها، وهو ما توصلت إليه تحقيقات لا حصر لها أجرتها سي إن إن، ووكالة أسوشيتد برس، ونيويورك تايمز، والجزيرة، و(منظمة) الحق (الحقوقية الفلسطينية) و(منظمة) بتسيلم (الحقوقية الإسرائيلية)، والأمم المتحدة، وغيرها”.
وكان تحقيق للجزيرة كشف عن تطابق بين الرصاصة التي قتلت الزميلة شيرين وما تستخدمه قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهو الأمر ذاته الذي توصلت إليه منظمات صحفية وحقوقية ودولية عديدة.
وأكدت عائلة الشهيدة شيرين أنها ستواصل “مطالبة أعضاء الكونغرس الأميركي ومنظمات المجتمع المدني بالضغط على بايدن لمتابعة القضية وإجراء تحقيق شامل، بما في ذلك التوجه لمحكمة الجنايات الدولية”، وأضافت “ما زلنا نطالب بتحقيق أميركي شامل ومستقل وذي مصداقية، وهذا الحد الأدنى المطلوب من الإدارة الأميركية”.
تهرب من المسؤولية
من جهتها، قالت الرئاسة الفلسطينية -على لسان الناطق باسمها نبيل أبو ردينة- إن التقرير الإسرائيلي حول استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة محاولة جديدة للتهرب من مسؤولية قتلها.
وقال أبو ردينة إن “كل الدلائل والوقائع والتحقيقات التي أجريت تثبت أن إسرائيل هي الجاني، وهي التي قتلت شيرين، وعليها أن تتحمل مسؤولية جريمتها”.
وأوضح أن القيادة الفلسطينية ستواصل متابعة ملف استشهاد شيرين أبو عاقلة مع كافة الجهات الدولية ذات العلاقة، وعلى رأسها محكمة الجنايات الدولية، مشيرا إلى أنه “لن يتم السماح لإسرائيل بالإفلات من العقاب على جرائمها المستمرة ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته الإسلامية والمسيحية”.
من جانبها، وصفت حركة (حماس) التحقيقات بأنها “محاولة جديدة للتهرب من مسؤوليته (أي الاحتلال) الكاملة عن جريمة الاغتيال التي أثبتتها كل الوقائع والحقائق المادية والدلائل الميدانية”.
وقال المتحدث باسم الحركة حازم قاسم -في بيان- إن “قتل جيش الاحتلال الصحفية شيرين أبو عاقلة جريمة مكتملة الأركان، يجب أن يحاسب عليها الاحتلال وعدم السماح له بالإفلات من العقاب”.