رأت شخصيات وطنية فلسطينية، أن اتفاقية أوسلو التي وقعت قبل 29 عاما بين منظمة التحرير وقيادة الاحتلال، برعاية دولية، انكشف زيفها، وبات من الواضح أن كافة بنودها تصب في صالح حكومة الاحتلال “الإسرائيلي”، وأطماعها في المنطقة.
وأكدت أن “كافة المعطيات تدلل على أن أوسلو خدعة سياسية، ومشروع اقتصادي أمني، أكثر من كونه سياسيا، ويهدف في مجمله الى إطالة عمر الاحتلال، وتوفير مقومات استقراره، على حساب معاناة الشعب الفلسطيني وحقوقه”.
وقال عضو المجلس الثوري والقيادي في حركة “فتح” تيسير نصر الله، إن “أوسلو ذات ثلاث مراحل، كان من المفروض أن تنتهي المرحلة الأخيرة منها عام 1999، والتي تقضي بانسحاب قوات الاحتلال من المناطق المسماة (ج)، ولكنها لم تفعل، فـ(إسرائيل) من تتحمل المسؤولية عن عدم تنفيذ بنود الاتفاقية”.
وأضاف أن “(إسرائيل) أخذت من الاتفاقية ما يعزز احتلالها للأرض الفلسطينية، فزادت وتيرة مصادرة الأراضي، وبناء المستوطنات الجديدة، وتوسيع القديمة منها، مما قتل حل الدولتين الذي بُنيت عليه الاتفاقية، بالإضافة إلى أنها أرادت من الاتفاقية تطبيق الشقين الأمني والاقتصادي”.
وتابع نصر الله: “لم يعد من أوسلو سوى اسمها والكيان المادي الذي انبثق عنها، وهو السلطة الوطنية الفلسطينية”.
وطالب القيادي في “فتح” قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، بالتوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة، والمطالبة بالاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، والقدس الشرقية عاصمة لها، والعمل على تطبيق قرارات المجلس المركزي الفلسطيني بسحب الاعتراف بـ”إسرائيل” ووقف التنسيق الأمني.
انتهاء “أوسلو”
من جهته؛ قال النائب الثاني للمجلس التشريعي الفلسطيني، حسن خريشة، إن “(إسرائيل) تنظر لأوسلو من منظورين، الأول أمني بحت، من خلال استمرار التنسيق، والآخر اقتصادي، عبر ما يُعرف بالسلام الاقتصادي الذي يضخ مئات الملايين لحكومة الاحتلال”.
وأضاف أن “الإسرائيليين أنفسهم، وعلى مدار السنوات الماضية، صرحوا في أكثر من مرة بانتهاء أوسلو، وهو ما أكدته تصريحات رئيس كيان الاحتلال نفتالي بينيت الأخيرة بأن أوسلو ماتت، ولم يتبق منها سوى الجانبين الأمني والاقتصادي”.
ونبه خريشة إلى أن الدول التي رعت وشجعت ودعمت اتفاق أوسلو، اعترفت في أكثر من مرة على لسان سياسييها أن “الاتفاقية مصيدة وقعت فيها السلطة الفلسطينية، بل خديعة كبرى أريد منها أخذ كل شيء مقابل لا شيء”.
وأوضح أن “الخيارات التي تملكها السلطة معدومة، بعيداً عن التهديدات المتكررة فقط، والتصريحات الإعلامية التي يراد منها استجلاب واستعطاف الشعب الفلسطيني، ومحاولة استمالة عاطفته لصالح السلطة”.
وأشار خريشة إلى أن “وجود السلطة مصلحة أوروبية أمريكية تصب لصالح الاحتلال، الذي يريد استمرار الهدوء والاستقرار، تزامنا مع سلب الأرض والتوسع الاستيطاني، والتضييق على كل ما هو فلسطيني”، مضيفاً أن “الرهان الحقيقي على فصائل المقاومة، ولا سيما حركتي حماس والجهاد الإسلامي”.
مصلحة احتلالية
أما الكاتب والباحث عامر المصري؛ فأكد أن “الاتفاقية مصلحة احتلالية بالدرجة الأولى، وخصوصا فيما يتعلق بانتزاع الاعتراف الفلسطيني بها ككيان محتل ومغتصب لأرض ليست له”.
وقال المصري إن “أوسلو لم تجلب للشعب الفلسطيني إلا مزيدا من النكبات والانتكاسات، في ظل تقزيم الاتفاقية، وتطبيق البنود التي تصب في صالح الاحتلال، وتحولها لمصلحة إسرائيلية بحتة، بعد أن كانت بمثابة المنقذ للشعب الفلسطيني حسب رؤية قيادة المنظمة”.
وتابع أن “الجميع بات مقتنعا بأن أوسلو اليوم لم تعد تحقق أي حلم للشعب الفلسطيني بالتخلص من الاحتلال، وحتى على حدود الـ67، كما حاول البعض إقناعهم، بل على العكس فإن الاتفاقية كانت مفتاحا لمزيد من الجرائم المشرعنة، خصوصا فيما يتعلق بالاستيطان وتهويد القدس”.
ورأى المصري أن “خيارات السلطة معدومة في ظل تحول أوسلو إلى مشروع لذات الأشخاص المتنفذين، والمنشغلين بالسياسة، والمدافعين عن سياسات السلطة وقرارتها”.
وتعتبر اتفاقية أوسلو، الموقعة في 13 أيلول/سبتمبر 1993، أول اتفاقية رسمية مباشرة بين “إسرائيل” ممثلة بوزير خارجيتها آنذاك شمعون بيريز، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية ياسر عرفات، وشكل إعلان المبادئ والرسائل المتبادلة نقطة فارقة في شكل العلاقة بين الجانبين التي اتخذت شكل التنسيق الأمني لحماية الاحتلال.