“أُحمل المسؤولية لكل من يستطيع المساعدة في الإفراج عنه في أيامه الأخيرة ولا أستثني أحدا من المسؤولين، إما أن يطلقوا سراحه أو يخرجوا ليشرحوا الأسباب التي منعتهم من ذلك”.
بهذه الكلمات وبخيبة تسمعها عالية في تنهيداته حمّل شقيق الأسير المريض في سجون الاحتلال “ناصر أبو حميد” سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن وضعه الصحي وكل من يستطع ولم يعمل على الإفراج عن شقيقه.
ناجي أبو حميد الشقيق الأكبر، قال إن هناك مساعي للسماح للعائلة بزيارته، ولكنها “لا تعني شيئا له ولا لعائلته” التي لخصت مطالبها “بالإفراج الفوري عنه ليستشهد بينهم”، وتابع للجزيرة نت “كيف أواسي شقيقي الذي يحتضر من خلف زجاج، وأن أرى والدتي محرومة من احتضانه للمرة الأخيرة”.
مصابٌ بالسرطان
والأسير ناصر أبو حميد مصاب بسرطان الرئة منذ قرابة عام، وبسبب المماطلة في إجراء الفحوص الطبية له وتقديم العلاج تدهورت حالته بشكل كبير ودخل في غيبوبة لأيام طويلة قبل أن يبدأ العلاج الكيميائي، ولكن قبل شهرين توقف تقديم العلاج له بعد عدم تقبل جسده، وبعد مماطلة أجرى الاحتلال فحوصا شاملة له تبين أنه وصل لمرحلة “ميؤوس منها”، وأنه في أيامه الأخيرة.
وليست هذه المناشدة الأولى لعائلة أبو حميد، فمنذ اكتشاف مرضه ودخوله في غيبوبة طرقت العائلة كل الأبواب على أمل الإفراج عنه لتلقي العلاج المناسب، حتى الخميس الثامن من سبتمبر/أيلول الجاري عندما أُبلغت العائلة بنتيجة التقارير الطبية التي تسلمها ناصر وحملها وحيدا إلى زنزانته، والتي أكدت أنه “في أيامه الأخيرة”.
لا بادرة أمل
ومنذ الخميس الماضي وحتى الآن، يتنقل الشقيق الأكبر مع من تبقى من أشقائه خارج السجن بين المؤسسات الحقوقية الرسمية والأهلية التي تتابع قضايا الأسرى، أملا في التقاط بادرة أمل عن تحرك جاد للإفراج عن أخيه، لكن من دون جدوى.
يقول ناجي “ما وصلنا حتى الآن وعود بالتدخل للإفراج عن ناصر، وبالنسبة لنا النتيجة الوحيدة المرضية أن نرى ناصر بيننا”.
يرجع ناجي عدم الاستجابة لهذه المناشدات إلى ضعف المطالبات الشعبية والرسمية والدولية، ويرى أن استمرار اعتقال ناصر بما يمثله من رمزية للمقاومة الفلسطينية والأسرى أمر معيب، “من المعيب أن يموت هذا الرمز من دون تحرك جدي للإفراج عنه”.
ناصر قضى 33 عاما في نضال مستمر، وهو الذي اعتقل للمرة الأولى وعمره لم يتجاوز 11 عاما، وتبعتها 4 اعتقالات، وكان آخرها الاعتقال الأخير خلال الانتفاضة الثانية، وكان ممن أعاد تشكيل الخلايا المسلحة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في الضفة الغربية (كتائب شهداء الأقصى)، وشارك في التخطيط وتنفيذ عمليات نوعية.
لا توقعات بالإفراج
خيبة الأمل لشقيق ناصر أبو حميد لم تكن بعيدة عن حديث كل من يراقب وضع ناصر وسط رفض إسرائيل الإفراج عنه، مع مطالبات بتحرك سياسي فلسطيني للضغط على إسرائيل.
وعلى الأرض، بدا التضامن الشعبي خجولا واقتصر على دعوات لوقفات في قلب بعض المدن في الضفة الغربية شارك فيها عدد محدود من المتضامنين والنشطاء.
وعلى المستويين الرسمي والقانوني، لم تكن الحال أفضل؛ فكما يقول مدير هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر إن إسرائيل لا تتجاوب حتى الآن مع أي مطلب قانوني أو سياسي، مشيرا إلى محاولات سابقة من مؤسسة الرئاسة الفلسطينية للتدخل لدى الجانب الإسرائيلي، وتدخل من قبل الجانب المصري ومنظمات دولية وإقليمية لم تفض إلى شيء ملموس.
ويتابع أبو بكر “الآن نحن نعيد الطلب لهذه الجهات وغيرها من أجل التدخل سياسيا؛ فالمساران السياسي والأمني هما القادران على الضغط للإفراج عن أبو حميد”.
وبالتوازي، جددت المقاومة الفلسطينية على لسان الناطق باسم حماس عرض مبادرتها الإنسانية بالإفراج عن الأسرى المرضى، وعلى رأسهم ناصر أبو حميد، كمقدمة لصفقة تبادل الأسرى مع الجنود المحتجزين لديها، إلا أن العائلة لم تتلق أي اتصالات بشأن تقدم في هذه الجهود، كما يقول ناجي أبو حميد.
وهذه المبادرة هي ذاتها التي عرضها رئيس حركة حماس يحيى السنوار عام 2020، وتتضمن استعداد الحركة لتقديم “مقابل جزئي” لإسرائيل، مقابل إفراجها عن المعتقلين المرضى وكبار السن من أجل تحريك ملف تبادل الأسرى.
مسار قانوني مغلق
وعلى المستوى القانوني، قال أبو بكر إن هناك التماسا سابقا رفضته سلطات الاحتلال، وإن المساعي الآن لتقديم آخر جديد بعد الحصول على التقرير الطبي النهائي.
وكان محامي الأسير ناصر أبو حميد حاول زيارته في سجنه، ولكنه لم يستطع لقاءه بسبب تعبه الشديد، حيث حمل شقيقه الأسير محمد (نقلته الإدارة لسجن ناصر للاعتناء به بعد تردي حالته الصحية) التقرير الطبي للمحامي الذي سيسعى لتقديم التماس عاجل أمام لجنة طبية مختصة للإفراج عنه، كما يقول رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، ولكن من دون توقعات مرتفعة.