قبل تطبيع العلاقات بين المغرب و”إسرائيل”، لم يتوقف حجم التبادل التجاري عن النمو سرًا، رغم غياب علاقة رسمية بين الجانبين خلال السنوات الماضية، أما الآن فقد خرجت التجارة بين الرباط وتل أبيب إلى العلن، ورفعا من مبادلاتهما إلى نصف مليار دولار سنويًا، ناهيك بتسهيلات ضريبية وجمركية قد تمهد الطريق في المستقبل نحو اتفاقية للتبادل التجاري الحر.
تجارة أصبحت مُيسرة
التفاهم الموقع بين المغرب والدولة العبرية شمل أيضًا اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، حمايةً للشركات من دفع الضرائب مرتين، وتفاديًا لعرقلة التدفق الحر للتجارة والاستثمار وتشجيعًا لتبادل السلع والخدمات وحركة رؤوس الأموال.
على مستوى التعاون الجمركي اتفق الطرفان من أجل تيسير التجارة المغربية الإسرائيلية، التي كانت في السابق تلجأ إلى قنوات مقعدة لمنع تعقبها في ظل حملات مناهضة التطبيع، ومطالبة فرق نيابية ذات تمثيلية كبيرة جدًا في البرلمان المغربي باعتماد قانون يجرم أي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان العبري، وهو المقترح الذي تقدمت به خمسة أحزاب سياسية على رأسها حزب العدالة والتنمية، قبل سبع سنوات، غير أن الطريق نحو إقرار هذا القانون لم يكن أبدًا مفروشًا بالورود، بالتالي لم يخرج إلى الوجود إطلاقًا، ونقيض ذلك هو ما حصل.
خلال الفترة المكشوفة في السر، اتخذت التجارة بين المغرب و”إسرائيل” منحى تصاعديًا، إذ تقدر المبادلات التجارية غير الرسمية، التي تتم عبر شركات وساطة تتخذ من دول أوروبية مقرًا لها، بنحو 63 مليون دولار في آخر 3 سنوات، ما يضع المغرب ثانيًا، بعد مصر، ضمن الدول الإفريقية الأكثر تعاملًا مع “إسرائيل” على هذا المستوى.
مد وجزر في العلاقات
العلاقات المغربية الإسرائيلية عرفت مدًا وجزرًا استمر لنحو ستة عقود، تعود بدايتها إلى بداية الستينيات في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، فقد هاجرت الدفعة الأولى من اليهود المغاربة نحو “إسرائيل” عام 1948، أي مباشرة بعد قيام دولة الاحتلال، ويقدر عددهم بنحو 90 ألف فرد كان معظمهم يزاولون حرفًا بسيطةً، حيث هاجروا من أجل تحسين ظروفهم الاجتماعية، وهاجرت الدفعة الثانية بعد حصول المغرب على استقلاله عام 1956، أما أكبر محطة في هجرة اليهود المغاربة نحو المستوطنات الإسرائيلية فكانت عام 1967، أي بعد انتصار “إسرائيل” على العرب في حرب الستة أيام.