أحياء القدس

أحياء القدس.. مبان تحمل بصمة الفلسطينيين

ما تزال أحياء “القطمون”، و”عين كارم”، و”الطالبية”، و”البقعة” في مدينة القدس تحافظ على أسمائها العربية، ولكن ليس على سكانها الفلسطينيين العرب الذين تم تهجيرهم منها في 1948، وبقيت مساكنهم التي يقطنها اليهود حاليا أو أقيم على أنقاضها بنايات كبيرة، تروي حكاية “النكبة”.

وهذه الأحياء هي جزء من 13 حيا عربيا، قال خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية، للأناضول، إن الفلسطينيين سكنوها حتى ما قبل النكبة في 1948، وباتت تعرف الآن باسم القدس الغربية.

ويضيف التفكجي، أن من أبرز الأحياء التي ما زالت موجودة في القدس الغربية، “الحي اليوناني، وحي الألمانية، والتكفورية، والوعرية، والبقعة الفوقا، والبقعة التحتا، والدجانية، والنمامرة”.

والحي اليوناني، أقامته رئاسة البطريركية اليونانية الأرثوذكسية في 1902، لإيجاد حل للاكتظاظ المسيحي في البلدة القديمة، ولكن عاشت فيه عائلات مسيحية ومسلمة، وفق بيانات ينشرها مركز “ذاكرات” (غير حكومي يوثق معلومات حول النكبة الفلسطينية) على موقعه الإلكتروني.

واستنادا إلى “ذاكرات”، فإن حي الألمانية تأسس في 1873، وامتلكت فيه عائلتا “الدجاني” و”بركات” الفلسطينيتين العديد من البيوت، وفيه كان مقر اللجنة العربية، التي أقيمت في 1936، برئاسة المفتي الحاج أمين الحسيني.

أما حي البقعة، فأقيم لعائلات مسلمة ثرية من البلدة القديمة في سبعينيات القرن التاسع عشر، وسكنته أيضا بعض العائلات المسيحية الثرية، وفي 1892 تم بناء محطة القطار فيه، وبلغ عدد سكانه في 1947 حوالي 5 آلاف نسمة.

وحي الطالبية، بحسب “ذاكرات”، أقيم في مطلع القرن العشرين من قبل فلسطينيين مسيحيين من الطبقات العليا وذوي الثقافة العالية، شمل مربين ومعلمين ورجال أعمال وأصحاب مهن حرة.

ومن هذه الأحياء الأربعة برزت أعلام فلسطينية بارزة منها الأديب خليل السكاكيني، والمفكر إدوارد سعيد، ورجل الأعمال الشهير قنسطنطين سلامة.

قرية “عين كارم”، في القدس الغربية، ما زالت هي الأخرى تحافظ على أبنيتها العربية التي يسكن قسم منها حاليا يهود والقسم الأخر تم تحويله إلى مطاعم.

ويقول عمر الغباري، الباحث في مركز “ذاكرات”، خلال جولة في القرية برفقة عدد من الصحفيين بينهم مراسل الأناضول، نظمت السبت الماضي، إنه “على الرغم من تهجير سكانها فقد حافظت القرية على أبنيتها التي تقيم فيها عائلات يهودية”.

وأشار الغباري، إلى أن عائلة عربية مسيحية واحدة تقيم في القرية حتى اليوم فقط.

وذكر أن قرية “عين كارم”، تضم في الوقت الحالي، سبعة أديرة وكنائس، فضلا عن مقبرة للمسيحيين مجاورة لأحد الأديرة، وأخرى للمسلمين وسط القرية تغطيها النفايات والتراب.

ولاحظ مراسل الأناضول خلال الجولة، أن مسجد القرية لا يزال قائماً ولكنه مغلق ومهجور.

وفي الأحياء العربية العتيقة من القدس الغربية، مازالت العديد من المباني، التي أقامها أثرياء فلسطينيون غالبيتهم من المسيحيين في الفترة ما قبل 1948، قائمة حتى الآن، كما يتضح من واجهاتها، وإن كان سكانها باتوا من اليهود.

ومن هذه المباني كنائس وأديرة تمكنت من الحفاظ على نفسها حتى الآن.

ويشير التفكجي، إنه دون احتساب الكنائس والأديرة التي بقيت بحوزة أصحابها، فإن الإحصاءات الفلسطينية الدقيقة أظهرت أن 40 بالمائة من الأملاك في القدس الغربية كانت بملكية فلسطينية حتى 1948.

ويقول: “هي أملاك تم طرد سكانها منها من قبل الميليشيات المسلحة اليهودية، والاستيلاء عليها لاحقا من قبل ما يسمى بـ(حارس أملاك الغائبين الإسرائيلي)، الذي قام بدوره بتحويلها إلى ملكيات يهود لا علاقة لهم بها”.

ويظهر ما تبقى من هذه الأملاك الفلسطينية بالقدس، اليوم، فخامة هذه العقارات التي تحيط بمعظمها حدائق صغيرة، وهي من طابق أو طابقين أو ثلاثة طوابق، بمداخل ذات هندسة راقية وتصاميم تعكس الطابع العربي الأصيل لها.

فخامة المنازل هذه جعلتها مواقع للعديد من القنصليات الدبلوماسية الغربية ولكن أيضا العربية والإسلامية.

وحول ذلك يذكر التفكجي، أن مصر، والعراق، ولبنان، وإيران اتخذت من عقارات في هذه الأحياء مقار لقنصلياتها حتى 1948.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى